Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
25 avril 2013 4 25 /04 /avril /2013 13:28

عندما تُشَنُّ الحرب بين دولتين، يعْمَدُ كلّ جيش إلى تقويض المنشآات الحيويّة للطّرف المقابل، بِدَكّ بنيته التّحتيّة من طرقات وجسور ومسالك توزيع ومنظومات اتّصال بأنواعها، و تهديمِ أو تعطيلِ المُؤسّسات الإقتصاديّة من مصانع كبرى وآليّات انتاج، بغاية إضعاف البلاد وشلّها ثمّ انهيارها وتركيعها. ففنّ الحرب لا يقتصر على مقابلةٍ بين جيشين تنتهي بحساب الخسائر البشريّة من هذا الطّرف أو ذاك، فهذه تُعَدُّ مرحلة بسيطة بالمقارنة مع غيرها  من مراحل الحرب

 

وبالمُوَازاة مع ما ذُكِرَ آنفًا، فإنّ من قطع طريقا أو مسلكا حيويّا، ومن شلّ حركةً انتاجيّة لمنشأة إقتصاديّة بتعطيلها أو تخريبها أو حرق معدّاتها أو التّأثير السّلبيّ في إنتاجها، يُعَدُّ عدوّا محاربا يتصرّف بنيّة التّخريب والهدم، ويجب التّعامل معه بمثل هذه الصّفات، وليس في هذا الكلام مبالغة أو شططا أو تعسّفا، لأنّ نتيجة فعله هي نفس نتيجة الحرب المدمّرة ضدّ دولة غازية. فما الفرق بين أخٍ وضع الحبل حول رقبة أخيه، وبين غريب وضع نفس الحبل على نفس الرّقبة؟.. النّتيجة واحدة، والفعل نفس الفعل، والتّعامل مع هذا أو ذاك يجب أن يكون نفس التّعامل، دون تردّد أو تلكّئ أو ارتعاش

 

ولا شكّ أنّ العمل النّقابيّ والتّظاهر والمطالبة بالحقوق والنّقد اللّاذع لمن بيده السّلطة ومعارضته ومحاولة إرباكه، كلّها حقوق مشروعة ومضمونة، ما لم تَرْتقِ إلى درجة الإفساد والتّخريب والهدم، لأنّها بذلك تصبح حربا، والتّعامل في الحرب عند أولي العزم من الحكّام ...تَشْخَصُ فيه الأبصار. أمّا من يخلط من الحكّام بين الحزم والرّفق، والعزم و الظّلم، والعدل والمحاذاة، ويتصرّف بارتعاش في كلّ نائبة، ويتردّد في أخذ القرار، ويحتمي بظلمة اللّيل في إصدار أوامره، ويلجؤ لأولي الخبرة من الفاسدين لقلّة خبرته، ويتلكّؤ في محاسبة الظّالمين لخوفه من بأسهم، ويتراجع في القرار على إثر صَيْحَة سمعها من هنا أو هناك، ويُرَكِّز على نضاله و وَرَعِه وتقواه في جلب عطف شعبه، ويرفع راية حماية الدّين من الكفر، كأنّ الرّبّ حافظ هذا الدّين يحتاجه لحمايته، فهو كغيره من الحكّام المرتعشين ممّن ذُكِر في تاريخ حضارتنا، ومآله نفس المآل

 

فإلى من بيده مقاليدُ الأمور من أُولي أمرِنا، يا من بَوَّأَكم ربّكم مكانةً ما كنتم بمنتظريها، يا من آتاكم مالِكُ المُلكِ مُلْكًا كنتم منه يائسين، يا من نقلكم مُدَبِّر شؤون هذا الكون من لاجئين مُسْتَضعفين إلى أعزّاء حاكمين، مالكم كيف تحكمون؟ بأيّ منطق في الأحداث تحلّلون؟ لأيّ حاجة في أنفسكم ترغبون؟ ممّا تخافون؟ لماذا تتردّدون؟ فإن قلتم "تلك أمور خافية عنكم" فأنتم مُخطئون، و إن قلتم "هي السّياسة والتّكتيك" فأنتم خبط عشواء تخبطون، وإن قلتم "هو الرّفق والعطف" نقول هي الدّروشة والخوف. أراكم كقومٍ أنزل الله عليهم مائدة من السّماء، ما طلبوها وما سَعَوْا لنَيْلِها، يوشكون أن يتركوها للضّباع لتنهش منها ومنهم، فيعودوا كما كانوا عليه 

 


Partager cet article
Repost0

commentaires